جدة شهدت اليوم جلسة مهمة برئاسة الملك سلمان، حيث ناقش مجلس الوزراء قضايا ساخنة تهم المنطقة والعالم. وخرج الاجتماع بحزمة قرارات تترجم رؤية المملكة الواضحة لتعزيز الاستقرار ودفع التنمية في الداخل والخارج.
الحديث عن سوريا كان حاضرًا بقوة خلال النقاشات. المملكة أعادت تأكيد موقفها الثابت بجانب الشعب السوري. وتطرق الوزراء إلى اتصال ولي العهد مع الرئيس السوري، حيث تم رفض الاعتداءات الإسرائيلية على الأراضي السورية. كما تم استعراض بيان مشترك لدعم جهود إعادة الإعمار في سوريا، شاركت فيه المملكة مع دول شقيقة.
الاجتماع لم يقتصر على الشأن السوري فقط، بل تناول ملفات أخرى تهم المملكة وتطلعاتها المستقبلية. القرارات التي تم اتخاذها تعكس حرص القيادة على مواكبة التطورات مع الحفاظ على الثوابت.
السعودية لم تكتفِ بالوقوف إلى جانب سوريا سياسيًا، بل مدّت يد العون أيضًا على المستوى الإنساني. وظل مركز الملك سلمان للإغاثة يعمل بجد لتقديم المساعدات للسوريين الذين يعانون من ظروف صعبة.
وفي خطوة عملية، قررت المملكة أن تخطو أبعد من ذلك. فوجه ولي العهد وزارة الاستثمار لتحفيز القطاع الخاص السعودي للمساهمة في إنعاش الاقتصاد السوري. والفكرة تتجسد في منتدى استثماري سيقام قريبًا في دمشق، بحضور مسؤولين ومستثمرين سعوديين كبار.
الهدف واضح: فتح آفاق جديدة للتعاون، وإبرام صفقات تخدم الطرفين، وإزالة أي عوائق قد تعيق الشراكة بين البلدين. السعودية تثبت مرة أخرى أنها لا تكتفي بالكلام، بل تترجم مواقفها إلى أفعال ملموسة.
مجلس الوزراء بدا مهتمًا جدًا بما يحدث في غزة، وأعرب عن ترحيبه بالبيان الدولي الذي يطالب بوقف الحرب هناك وفتح الطريق للمساعدات، كأنهم يقولون للعالم: "خلونا نخلص الناس من هذا الموقف الصعب". وأكدوا مرة أخرى على ضرورة تحرك المجتمع الدولي بجدية أكبر لمواجهة التعنت الإسرائيلي الذي يعيق أي فرص للسلام.
وفي سياق آخر، رحب المجلس بالاتفاق الذي تم بين الكونغو وتحالف نهر الكونغو، ووصفه بأنه خطوة مشجعة قد تساعد في استقرار الأوضاع هناك اقتصاديًا وإنسانيًا، وهو شيء يبعث على الأمل.
على الصعيد المحلي، أبدى المجلس رضاه بالاتفاقيات الجديدة التي تهدف لتطوير تصدير الطاقة النظيفة من المملكة إلى أوروبا، وهي خطوة تعزز مكانتنا كرابط مهم في التجارة العالمية، خاصة في مشروع الممر الاقتصادي الكبير بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا.
كما أشاد المجلس ببرنامج تطوير الصناعة المحلية والخدمات اللوجستية، الذي أثبت فعاليته في دعم الاقتصاد غير النفطي وخلق فرص عمل جديدة، وهو شيء يثلج الصدر فعلاً.
ريادة عالمية في العمل الإنساني والتخصصي
المملكة تخطو خطوات كبيرة في خدمة الإنسانية، وبرنامج التوائم الملتصقة خير دليل على ذلك. تخيل: 150 حالة من مختلف أنحاء العالم وجدت الأمل بين أيدي الأطباء السعوديين، و65 عملية فصل ناجحة تحكي قصص أطفال عادوا إلى حياتهم الطبيعية. هذا ليس مجرد إنجاز طبي، بل هو رسالة إنسانية تصل إلى كل زاوية من العالم.
وفي ساحة أخرى، اختار العالم المملكة لقيادة ملفات مهمة في المنظمة العالمية للملكية الفكرية، وهذا الاختيار لم يأت من فراغ؛ فهو ثقة دولية تترجم سنوات من العمل الجاد والرؤية الواضحة. المملكة لم تعد مجرد مشارك، بل أصبحت صانع قرار في المشهد العالمي.
ولا ننسى تلك الفعاليات الكبرى التي تستعد المملكة لاستضافتها، من ملتقى الصحة العالمي إلى مؤتمر المراجعين الدوليين. كل حدث منها هو فرصة لتأكيد أن المملكة أصبحت منصة عالمية للحوار وتبادل الخبرات. المستقبل يبدو مشرقًا، والمملكة تسير بثقة نحو تعزيز مكانتها كوجهة للتعاون الدولي في شتى المجالات.
قرارات تنظيمية وتعيينات هامة
خرج المجلس بحزمة قرارات متنوعة تمس عدة جوانب حيوية. واتفقوا على تفويض وزير الحرس الوطني للتفاوض مع إسبانيا بخصوص اتفاقية علاج جيني، وهو شيء يبدو واعدًا لمستقبل الطب في المملكة.
في الشق الدولي، حصلت موافقة على تعاون زراعي مع طاجيكستان، واتفاقية استثمارية مع مؤسسة تمويل دولية، وهو ما يظهر حرص المملكة على توسيع شبكة علاقاتها الاقتصادية.
تغيرات إدارية طالت تنظيم هيئة البحر الأحمر، بينما كلفت أمانة جدة بمهمة مراقبة الساحل البيئي من رابغ حتى القنفذة، وهي خطوة مهمة للحفاظ على شواطئنا الجميلة.
في الجانب الصحي، جرى تجديد وتعيين أعضاء جدد في مجلس الغذاء والدواء، كما صدرت موافقات على ترقيات وتعيينات في مراتب عليا بعدد من الجهات الحكومية.
هذه القرارات تعكس رؤية المملكة الشاملة التي تجمع بين تعزيز مكانتها الدولية والسعي الجاد لتحقيق أهداف 2030؛ اقتصاد متنوع، وقيادة في المجالات الإنسانية، وعلاقات دولية متينة، كلها عناصر تظهر التوجه الاستراتيجي الذي نسير عليه.